السبت، ٤ أغسطس ٢٠٠٧

من يداوي جسد الوطن الخائر؟


من يداوي جسد الوطن الخائر؟

في أكثر الصور تفاؤلاً لاتستطيع الا أان ترى جسد هذا الوطن خائر القوى, رث الروح ومثقلاً بالأمراض المستوطنة. البعض يتصور أن الوطن كائن معنوى لا صورة له, لكنه تناسى أن الوطن لا بد أن يتجسد بأافراد شعبه, هم الفاعلون بأسمه, الناطقون بلسانه, الباطشون بيده, لكن اذا صار الأمر الى ماهو عليه الان من تفتت في خلايا الجسد, فوداعاً للجسد و مرحباً بالهلامية التى لا تجلب الا طَرقات القوى الخارجية لتُشكل هذه الهلامية بالطريقة التى ترضاها وتجلب لها مساعيها ومصالحها, بأقل الأفعال وأبخس الأثمان. بالتالي فان هلامية أي دولة أكبر فعل مساعد في معادلة تكوين التحالفات اذ أن الدولة الهلامية لا مطالب لها أو مصالح تسعى لها تكون عائقا أمام الدخول في مرحلة التكوين.
جسد الوطن لا بد أن نتفهم أنه يتكون من الأفراد القابعين على أقليمه والمفترض موافقتهم الضمنية وانسجامهم مع العقد الاجتماعي الضمني المبرم فيما بينهم, لكن انقسام الافراد الى شيع وجماعات, وكل جماعة لا تطالب الا بمصالح تلكم الفئة ولا تجاهد الا في سبيلها يضعف من البنيان التراكمي المفترض للدولة, فالمفترض أن تلك الفئات تناضل بنفس المجهود للمطالبة بمصلحة عليا تلتف حولها كل الفئات, هذا ما يعطي لدولة ما بعداً سياسياً وثقلاً دولياً ومعنى منطقي يعلن بوجود تلك الدولة على الساحة الكونية, اذ أن الدولة لابد وأن تمارس فعل الطلب والعرض و الرفض, تلك الافعال انما هي دليل مادي على وجود ارادة ورغبات وهذا لا يتأتىء الا بوجود مصالح عليا ورغبة قومية من الأفراد.
افتقاد الدولة لتلك المقومات لابد أن يستتبعه انهياراً في دلالة اسمها في الاذان الدولية, حيث صارت مجرد أداة لا يريدها الا الراغبون في السيطرة عليها, بالتالي فان وجود نداء بالمعاملة بالمساواة أو ما يطلق عليه جزافاً العدل الدولي هو نداء عدمي لا معنى له ولا رد عليه من قبل الاخرون الا بسمة ساخرة من القوي الراغبة في السيطرة ونظرة شفقة من المثاليين الدوليين.
ان المؤامرة لا تنبع الا من العقول الظمىء للسبب, المتكاسلة عن البحث العلمي الموضوعي, والنقد الذاتي. وهما سبيل الرجوع لأي دولة لتشكل هاجساً للمستعمر وقوى السيطرة في الخارطة الكونية.
ان جسداً لوطن خائر لا يقوم بتطبيبه الا الافراد المكونين له عن طريق توحدهم لانشاء خارطة لهذا الجسد والتى تتكون حدودها من رأي عام قوي لا يضعف أمام نسمة خاجية (رأس), قوة بدنية وعلمية وأفراد قادرون على الفعل الايجابي لا مجرد انتظار كوب اللبن حتى يقع ثم نقوم بالبكاء عليه (يد), مجموعة من الافكار المشتركة والمبادىء العامة والتى يلتف حولها كل الافراد كالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية حتى يقف هذا الكيان على أساس قوي لا يوقعه كل لمسة طفل ولا يكون جسداً متأرجحاً لا طاقة له بالصمود (رجل). لكن اذا فسد العقل بالغباء والاسفاف, وتفرغت اليد للبطش بشرفاء القوم وعامته, ورجل تسعى الى هاوية لان العقل قد فسد, فلا رثاء لمن باع الجسد والروح. فما بالنا اذا فسد كبد الجسد من الماء الملوث- هذا ان وجده – و تسسمت البطون من الاسمدة المسرطنة – هذا ان قدرت على شراء الطعام- وتسرطنت الخلايا بداء الاغتراب الداخلي والاحساس بالعجز وتفشي فيك المرض كالسرطان. أى صورة لهذا الجسد الا الخوار!؟
دعوة عامة الى السعي أن تكون خلية حية في هذا الجسد, الا تكون خلية هامدة تدعو ربك بالقتل الرحيم, فانه لم يمت ابداً على سطح الكرة الارضية أقليم من الأرض حتى تظن أن الخلاص هو الفناء, ان لم تحاول أن تداوي هذا الجسد الخائر والروح الرثة وأن تبث في كل عضو من هذا الجسد نبضاً يداويه ويحيه, أتى جراد الاستعمار وأكل أخضر الأرض وسبى نساء القوم وقتل شباب الرفض وأجهز على كهول الحكمة, وصرت –ان لم تداوي مريضك – عبداً يحيا في ملكه, وعشت نادماً على ارثك وذليلاً في قصرك وأطال الجراد عمرك حتى تزرع ويأكل.
انك ستزرع شئت أم أبيت, ستكون خلية حية في جسد ما شئت أم أبيت, فاختر أنت الجسد وليكن جسد وطنك, قبل أن تلعن نومك بعدما تصحو من جلدة سوط جرادة كنت يوماً تدوسها بالاقدام.

هناك تعليقان (٢):

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم يقول...

أستاذ أحمد
أولا كل التهاني بمدونتك الجديدة
وأتمنى لك كل التوفيق
ثانيا
الإدراج جيد
ولكن أتمنى منك أن تكبر من حجم الخط حتى يكون أكثر وضوحا وفهما
لك مني كل تحية وتقدير وأمنياتي بالتوفيق

غير معرف يقول...

اخى الكريم احمد
مبروك على المدونة الجديدة ومبروك على الادراجات اللى حقيقى مميزة اتمنالك التوفيق ويا ريت تشارك معانا بقوة عشان نقدر نداوى جزء بسيط من جروح الوطن

لك تحياتى
فيه استقصاء على موقع المجموعة ارجو المشاركة فيه