الثلاثاء، ٢٨ أغسطس ٢٠٠٧

الحكومات والخدمات السياسية


ان وضوح المنظومة القانونية والتشريعية لدولة ما, لا يجلب لها الا الكثير من المنافع والمصالح, بدءاً من ثقة المواطن في استعادة حقه بالطريقة القانونية وانتهاءاً الى حالة مجتمعية من اليسر والسرور والانتماء, فيصبح هذا الوطن والنظام الذي يحكمه مقصداً للمظلوم وابن السبيل, ويكون الوطن مقصداً يرنو له قلب مواطنه المغترب وملاذاً آمناً ان أقام به ويثلج جوار الوطن قلب المواطن. لكن ان صارت الحكومة مشغولة باجراء ترقيعات وقتية تستنفذ بتلك التعديلات المشوهة غرضاً ما- خلافاً لكافة النظريات القانونية المعمول بها على مستوى المعمورة- فتصيب المنظومة القانونية بالتضخم الكودي والذي لايقابله حالة قانونية تماثل شروطه, تبعا لذلك لا يجد المواطن نفسه الا في محيطات التيه وأمواج الضلال تلاحقه, فلا يجد سبيلاً غير استخدام القوة الجسدية أو القبلية أو القروية لاعادة الأمور الى نصابها مما يضع الوطن في حالة من ازوادجية من المعايير المطبقة بين الأفراد والبعد التام والفصام الحاد بين العرف والقانون, فيضع القانون في الموت السريري انتظاراً لمن يطلق عليه رصاصة الرحمة.

انشغال الحكومة بهذه الترقيعات القانونية واللائحية ليس لها سبب أو مايستدعي هذه الخطوة الا الخدمات السياسية لسلطة ما وضعتها على كرسي الوزارة, هذا الانشغال- خلافاً لخلق مُكّون رث للقانون- هو يستغل مقدراتها وامكانياتها العلمية والعملية بعيداً عن الخدمة المواطن الرابض على أقليم تلك الدولة –الهدف الاساسي لها- فتظهر على السطح فجأة قطع ثلجية صامدة كالجبال تعيق سير المياه في الانهار, تلك القطع الجليدية ما هي الا المشكلات التى تناستها الحكومة اثر انشغالها في خضم الخدمات السياسية التى تقدمها للنظام الحاكم. ظهرت في مصر مشكلة المياه بطريقة فجة صعبة, أفراد قطعوا الطريق على طرق المسافرين لجلب الماء, الأدهي انها مشكلة صامدة كالجبال لا حل لها الا بعد بضع سنين سيحيا فيها أخي المواطن دون ماء, لانشغال الحكومة عن التفتيش على خطوط المياه. انشغال جهاز الردع المتمثل في جهاز الشرطة جعل من القتال الطريق الأوحد لفض المعركة, كما حدث في الدقهلية وفي قنا. ناهيك أن هذا الانشغال أوقع التفتيش على مراكز الشرطة في طي النسيان, فجعلت مراكز الشرطة في يد فرعون صغير لا يوجد من يراقبه لانشغال المراقب عن المرقوب. ونستطيع أن نتكلم عن جميع المجالات بدون استثناء لكن الموضوع سيحتاج الى كتاب لا مقال. اللهم الا قطاع الدفاع والجيش, هو الجهاز القادر على تأدية وظيفته على أتم وجه – الحمد لله- لأنه لم ينشغل الا بذاته ولا يقوم بتأدية أي خدمة سياسية. هذا الجهاز الجبار علم وظيفته, أنشغل بتأديتها, فأصبح ذو قوة كاملة وتطوير تام يُلقي الرعب-حتى الآن- في قلوب من يفكر في محاولة دخول مصر أو احتلالها.

كان يجب على الحكومة أن تقوم بدراسة مميزات ومخاطر الخدمات السياسية للنظام. ستجد أن الخدمات السياسية تسنفذ الحكومة دون أن تترك اثراً يذكر في التاريخ, وأن استقالتها وتغييرها أمر يقيني الحدوث كطلوع الشمس من المشرق صباحاً. بل اليقيني أيضاً ان عمرها لا يتعدى عقداً واحداً من الزمان, ثم تخرج لا يتذكرها مواطن الا بما يسوءه ودعوات الغضب تخرج من أفواه جموع المواطنين, ويظل الوزير الخارج في طي النسيان ويمنح لقب وزير سابق تأدباً في الصحف والاعلام, لا لشيء الا لمروره على هذا الكرسي, حينها لا يمنحه التاريخ شرف الورود في طياته, اذ أن التاريخ يسأل: ما الداعي وما الهدف وما الاثر الذي تركته على أرض الواقع ؟والاجابة بالطبع هي لاشيء.

الأربعاء، ١٥ أغسطس ٢٠٠٧

ردا على من اتهم القلم

وصلتني رسالة من مصري يعيش في السعودية هذا نصها:

هل فعلا وصحيح كل ما يثار حول الشرطة المصرية ؟ وحتى إن كان هناك قلة من رجال الشرطة تسئ للشرطة .. فهل كلهم بهذا السوء ؟أم أن الكل يتكالب عليها بمبرر وبدون مبرر ؟هل من مصلحة مصر أن تضعف سطوة الشرطة المصرية ؟ بل هل من مصلحة مصر أن تضعف حكومتها ؟هل تعلم المعارضة أن كل وهن يصيب الشرطة ثم الحكومة يمكن أن يجعل مآل مصر هو مآلت إله العراق ؟هل أحزاب المعارضة في سبيل تنفيذ وإنفاذ فكرتها عن منع التوريث على استعداد بوقوة لإيصال مصر إلى اي طريق حتى ولو كانت طريق العراق ؟لماذا ساءت سمعة مصر في الخارج ؟بسهولة ساءت لأن أحزاب المعارضة بدأت تتخذ دورا لم تكن تمتلكه من قبل ؟أنا أعلم أن هذه الايميلات معظمها لمصريين من المثقفين ولكني لاحظت أن بعضهم له توجهات في نشر غسيل مصر الداخلي .... فهلا نصحو ونستفيق لأن مصر ليست هي الشرطة المصرية وليست كلها عملاء وليست كلها خراب ؟؟؟ كل الحركات .. كل الأحزاب ... لا تهتم سوى بالاعلام والتشويه والنقد لا يوجد دراسات ولا يوجد أفكار فقط منافسات على رئاسة الحركات ... فأين الرجال !!!! هل الرجال هم مصطفي من يهمه الظهور الاعلامي هل الرجال هم الفقي من يهمه هل الرجال س من يتعيش بالدين... أين المصريين؟ أنا مصري بالسعودية يندى جبيني لما نسمعه ويسمعه أخواننا السعوديين من مصريين يشهون سمعة مصر ... مصريين لا يعنينهم سوى حلقة في فضائية بربع ريال لكي يهين مصر ... إلى متى ؟ والله لو كانت الشرطة المصرية كما يقولون لما تجرأ واحد من هؤلاء على تشويه وإهانة مصر عيانا بيانا .فهل نكون أصدقاء في الدفاع عن مصر وتحسين صورتها وليس فقط انتقاد رموزها وقياداتها ... انتظر ردك ولنكون جمعية من محبي مصر ومحبي الدفاع عنها ... أنا على استعداد لدفع أي مبلغ لتحسين صورة مصر فهل تكون معي بصوتك فقط انتظر ردك
Dr. Hassan Amin Mohammed
Economic Consultant
Mobile : +966509815491

الاستاذ/ حسان
تحية طيبة وبعد
لا أدري متى قرأت لي أو أين قرأت لي؟ وصراحة لا أدرى من أكون حتى أكون من مشوهي سمعة مصر؟ وليس لي أي مقال على موقع غير مصري حتى ولو كان عربياً.أنا مجرد مصري يحاول أن يعيد مصر الى ما كانت اليه, أتتذكر مصر التى كانت تنصاع لها الجباه الدولية؟ نعم كانت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها تسعى الى ارضاء مصر ونظامها حتى وقت قريب جداً, كانت القوى الدولية تدعونا للتحالف وتطلب رضاءنا يوميا. لكني لم أعقب بعد على حوادث التعذيب في أقسام الشرطة بعد, وكان هذا كان سيكون مقالي القادم الا أن حضرتك قد حولت خاطري لأشاطرك الأفكار والأحزان التى تكوى اخوانك واخواتك.
ربما كان قصد حضرتك انك في الغربة أحسست بمرارة التغير في صورة مصر الخارجية, ربما كانت قوة هذا الاحساس لدى حضرتك أكبر منا في الداخل, لكن لا أظن أن حضرتك تقصد أن نصمت على جوع وعطش وتعذيب المواطن المصري. لكن يجب أن تتأكد حضرتك انه ليس في خاطر أي مثقف شريف أو سياسي محترم جلب القوات الاستعمارية الخارجية لحل مشاكلنا, بل نقوم نحن بنقدها وحلها ونبذل- لو تعلم- أمننا وقوتنا ومستقبلنا في سبيل ذلك. ولقد ألزمتني بالرد على تلك النقاط:
اولا: نحن نتحدث عن وطن به بعض العلل, فوطنيتنا تجبرنا على تصحيح الأوضاع ومداواة الداء.

ثانيا: ليست كل رجال السلطة ساديون, بل منهم رجال وطنيون ومحترمون جداً, لكن لا يجب أن ندع دم صبي ذو 13 عاماً يسفك دون محاسبة سافكيه.
ثالثا: يجب أن تتيقن حضرتك أن الكل يعمل في مصر من أجل رفعتها ونموها وأن تعود كما كانت هي القائد والزعيم في المنطقة وأن يتم تقبيل يدها لتوافق على أي قرار تفكر دولة عظمى في اتخاذه, مخافة منها ومن سطوتها في المنطقة.
رابعا: لو كنت أريد الجاه أو حتى أكون مشهورا يكفيني أن أكون من منافقي السلطة أو أسب التيار الاسلامي أو الشيوعي أو مجرد أديب يتطاول على الذات الالهية في قصيدة ويأخذ عليها جائزة.
خامسا: هل تتصور حضرتك أن هناك سياسي مصري محترم يقبل أن يكون منع التوريث عن طريق أمريكا او غيرها, المعارضة في مصر شريفة, لم تذهب يوما الى لندن لتكوين جبهة تحرير أو ارتضينا يوما بتدخلات خارجية, ألم تقرأ ان المعارضة تقف مع الحكومة في رفض التدخلات الامريكية؟ لندن بالنسبة لمصر مقر للهاربين من القانون.
سادسا: أحب أن أذكر حضرتك أن العملة المصرية هي الجنيه, وليس الريال. ومسألة أن هناك من يسب مصر على الفضائيات أمر لم ولن يفعله أحد من شرفاء المثقفين او الساسة. نحن نسعى لتحسين وضع مصر, فاخوانك جوعى وعطشى ولايجدون الا طعاما مسرطنا بالمبيدات وذلا في المواصلات.
سابعا: ما العيب في انتقاد رموز وقادة لنظام ما؟ هل صاروا رسلا أو صحابة فلا يجوز الطعن عليهم أو مسائلتهم؟
أخيرا: حضرتك تسأل أين المصريون؟ وكيف تسمع أنينهم وأنت لست هنا؟ بالله عليك, هل كنت لتسافر لو كنت تعلم أن مستقبلك زاهرا في وطنك؟
تحسين صورة مصر يا سيدي, تبدأ بتحسين صورة المواطن ووضعه, فما الوطن الا مواطنين يتنعمون في دنياه.

وأدعو السادة قراء هذا المقال بمراسلة الاستاذ حسن ودرء شبهة التكسب عن كل مقال كتبه أو مظلمة نشرها ودرء تهمة تشويه صورة مصر من على أنفسهم وشرفاء المثقفين والساسة في مصر. بيانات الاستاذ حسن في نص الرسالة والتى ارسلها لشخصي المجهول مشكورا.

الى من أبثُ حزني وألمي
تركنا النفاق والترشي
ومارسنا النقد والتمني
بوطن لا يسكبُ فيه دمي
فما نلنا الا الاتهام والتجني
مازالت مصر-يا سيدي-
وطناً لي رغم التردي
امُارس لها العمل والتمني
فما غير الجوع رافقني
وحس الأمن فارقني
فكفي بالله حسبي
وفي نصرة مصر هو عوني.

السبت، ٤ أغسطس ٢٠٠٧

من يداوي جسد الوطن الخائر؟


من يداوي جسد الوطن الخائر؟

في أكثر الصور تفاؤلاً لاتستطيع الا أان ترى جسد هذا الوطن خائر القوى, رث الروح ومثقلاً بالأمراض المستوطنة. البعض يتصور أن الوطن كائن معنوى لا صورة له, لكنه تناسى أن الوطن لا بد أن يتجسد بأافراد شعبه, هم الفاعلون بأسمه, الناطقون بلسانه, الباطشون بيده, لكن اذا صار الأمر الى ماهو عليه الان من تفتت في خلايا الجسد, فوداعاً للجسد و مرحباً بالهلامية التى لا تجلب الا طَرقات القوى الخارجية لتُشكل هذه الهلامية بالطريقة التى ترضاها وتجلب لها مساعيها ومصالحها, بأقل الأفعال وأبخس الأثمان. بالتالي فان هلامية أي دولة أكبر فعل مساعد في معادلة تكوين التحالفات اذ أن الدولة الهلامية لا مطالب لها أو مصالح تسعى لها تكون عائقا أمام الدخول في مرحلة التكوين.
جسد الوطن لا بد أن نتفهم أنه يتكون من الأفراد القابعين على أقليمه والمفترض موافقتهم الضمنية وانسجامهم مع العقد الاجتماعي الضمني المبرم فيما بينهم, لكن انقسام الافراد الى شيع وجماعات, وكل جماعة لا تطالب الا بمصالح تلكم الفئة ولا تجاهد الا في سبيلها يضعف من البنيان التراكمي المفترض للدولة, فالمفترض أن تلك الفئات تناضل بنفس المجهود للمطالبة بمصلحة عليا تلتف حولها كل الفئات, هذا ما يعطي لدولة ما بعداً سياسياً وثقلاً دولياً ومعنى منطقي يعلن بوجود تلك الدولة على الساحة الكونية, اذ أن الدولة لابد وأن تمارس فعل الطلب والعرض و الرفض, تلك الافعال انما هي دليل مادي على وجود ارادة ورغبات وهذا لا يتأتىء الا بوجود مصالح عليا ورغبة قومية من الأفراد.
افتقاد الدولة لتلك المقومات لابد أن يستتبعه انهياراً في دلالة اسمها في الاذان الدولية, حيث صارت مجرد أداة لا يريدها الا الراغبون في السيطرة عليها, بالتالي فان وجود نداء بالمعاملة بالمساواة أو ما يطلق عليه جزافاً العدل الدولي هو نداء عدمي لا معنى له ولا رد عليه من قبل الاخرون الا بسمة ساخرة من القوي الراغبة في السيطرة ونظرة شفقة من المثاليين الدوليين.
ان المؤامرة لا تنبع الا من العقول الظمىء للسبب, المتكاسلة عن البحث العلمي الموضوعي, والنقد الذاتي. وهما سبيل الرجوع لأي دولة لتشكل هاجساً للمستعمر وقوى السيطرة في الخارطة الكونية.
ان جسداً لوطن خائر لا يقوم بتطبيبه الا الافراد المكونين له عن طريق توحدهم لانشاء خارطة لهذا الجسد والتى تتكون حدودها من رأي عام قوي لا يضعف أمام نسمة خاجية (رأس), قوة بدنية وعلمية وأفراد قادرون على الفعل الايجابي لا مجرد انتظار كوب اللبن حتى يقع ثم نقوم بالبكاء عليه (يد), مجموعة من الافكار المشتركة والمبادىء العامة والتى يلتف حولها كل الافراد كالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية حتى يقف هذا الكيان على أساس قوي لا يوقعه كل لمسة طفل ولا يكون جسداً متأرجحاً لا طاقة له بالصمود (رجل). لكن اذا فسد العقل بالغباء والاسفاف, وتفرغت اليد للبطش بشرفاء القوم وعامته, ورجل تسعى الى هاوية لان العقل قد فسد, فلا رثاء لمن باع الجسد والروح. فما بالنا اذا فسد كبد الجسد من الماء الملوث- هذا ان وجده – و تسسمت البطون من الاسمدة المسرطنة – هذا ان قدرت على شراء الطعام- وتسرطنت الخلايا بداء الاغتراب الداخلي والاحساس بالعجز وتفشي فيك المرض كالسرطان. أى صورة لهذا الجسد الا الخوار!؟
دعوة عامة الى السعي أن تكون خلية حية في هذا الجسد, الا تكون خلية هامدة تدعو ربك بالقتل الرحيم, فانه لم يمت ابداً على سطح الكرة الارضية أقليم من الأرض حتى تظن أن الخلاص هو الفناء, ان لم تحاول أن تداوي هذا الجسد الخائر والروح الرثة وأن تبث في كل عضو من هذا الجسد نبضاً يداويه ويحيه, أتى جراد الاستعمار وأكل أخضر الأرض وسبى نساء القوم وقتل شباب الرفض وأجهز على كهول الحكمة, وصرت –ان لم تداوي مريضك – عبداً يحيا في ملكه, وعشت نادماً على ارثك وذليلاً في قصرك وأطال الجراد عمرك حتى تزرع ويأكل.
انك ستزرع شئت أم أبيت, ستكون خلية حية في جسد ما شئت أم أبيت, فاختر أنت الجسد وليكن جسد وطنك, قبل أن تلعن نومك بعدما تصحو من جلدة سوط جرادة كنت يوماً تدوسها بالاقدام.